عدنان- من حارس أمن إلى بائع خضار.. بحثًا عن الرزق
المؤلف: حسام الشيخ (جدة)08.07.2025

يسير على خطى والده، باحثًا عن ضالته ومنشوده، مستندًا إلى مقعده الخشبي المتآكل، الذي اكتسب لونًا ذهبيًا من أشعة الشمس الحارقة، لكنه لا يزال يحتفظ بعبير أقرب الناس إلى قلبه، ذلك الأب الذي ورث عنه الشقاء والتعب، وخمسة إخوة، الأكبر بينهم يدرس في المرحلة الثانوية، بينما الأصغر ما زال في المرحلة الابتدائية، وأم ذاقت مرارة الحياة قبل أن يقضي عليها المرض اللعين، وزوجة أب ضريرة، لا تتحرك إلا نحو الغرفة المجاورة، لتتفقد الصغار بعيون كف بصرها بعد إصابتها بالمياه البيضاء.
لم يرجع الشاب عدنان.ن.ح، ذو الأربعة والعشرين ربيعًا، خائبًا صفر اليدين، بل ورث عن والده بضع صناديق كرتونية مهترئة، كان يستخدمها في بيع الخضراوات أمام منزله المتواضع، لتوفير لقمة العيش لأسرته الكبيرة، قبل أن يضطر إلى الزواج مرة أخرى، ليجلب إلى البيت الخالي من الأثاث امرأة ترعى أطفاله الأربعة، لكنها سرعان ما أثقلت كاهله بطفلين آخرين.
بعد زفرة عميقة، يتحدث عدنان بمرارة: "المرة الوحيدة التي ابتسمت لي فيها الدنيا كانت عندما قبلت إحدى الشركات توظيفي كحارس أمن، على الرغم من ضآلة الراتب، فقد شعرت بسعادة غامرة بهذه الوظيفة، وبدأت العمل بها بعد مرور أشهر قليلة على دفن والدي، وكانت بمثابة طوق النجاة لي ولأسرتي الكبيرة، ولكن بعد فترة وجيزة، أدركت أن الراتب مع الإضافي لا يتجاوز 1600 ريال، وهو مبلغ زهيد لا يكفي لمصروف البيت لأكثر من أسبوع، حيث أنني أدفع 600 ريال شهريًا كإيجار للمنزل الشعبي، وأحاول جاهدًا توزيع بقية الراتب على الالتزامات المتزايدة، ولكن دون جدوى."
يتابع عدنان حديثه قائلًا: "فكرت مليًا وتعمقت في التفكير، فلم أجد أمامي سوى أن أستكمل مسيرة والدي، فأخرجت تلك الصناديق الكرتونية التي كنت أحتفظ بها تحت السرير الوحيد الذي أهلكته الرطوبة، وقررت أن أبدأ على الفور بشراء بعض الخضراوات من سوق الجملة، وبيعها أمام منزلي المتواضع، وعلى الرغم من أنني أمارس البيع والشراء منذ أربع سنوات مضت، إلا أنني لم أستطع تحقيق نصف ما أصبو إليه، فالتزاماتي تجاه أسرتي لا ترحم، والأرباح التي أجنيها بالكاد تكفي لسد الرمق." يصمت عدنان قليلًا، ثم يعود ليسأل بتعجب: "كيف كان والدي يكافح ويعيش طوال هذه السنوات معتمدًا على هذه الأرباح الضئيلة من بيع الخضراوات في تلك الصناديق الكرتونية القديمة؟"
يحرك عدنان وجهه شطر اليمين وشطر اليسار، ثم يضيف: "للأسف الشديد، لا يكفيني العمل لمدة عشرين ساعة في اليوم والليلة، وأتمنى بشدة أن أجد وظيفة ذات راتب أفضل، لكي تساعدني على تحمل مسؤوليات جسيمة لم أكن مخيرًا في تحملها. ويبدو أن انقطاعي عن التعليم بعد المرحلة الثانوية كان السبب وراء عدم حصولي على وظيفة براتب مجز، كم أتمنى لو يعود الزمن بي إلى الوراء لأكمل تعليمي الجامعي." وفجأة، تضيء عيناه وكأنه وجد كنزا ثمينا، ويقول: "سوف أكمل مسيرة كدي وكفاحي، وأتمنى أن أتمكن من افتتاح متجر لبيع الخضراوات والفواكه في أحد الأحياء الحيوية، فما زلت مقتنعًا بمقولة والدي: "إن تسعة أعشار الرزق في التجارة"."
لم يرجع الشاب عدنان.ن.ح، ذو الأربعة والعشرين ربيعًا، خائبًا صفر اليدين، بل ورث عن والده بضع صناديق كرتونية مهترئة، كان يستخدمها في بيع الخضراوات أمام منزله المتواضع، لتوفير لقمة العيش لأسرته الكبيرة، قبل أن يضطر إلى الزواج مرة أخرى، ليجلب إلى البيت الخالي من الأثاث امرأة ترعى أطفاله الأربعة، لكنها سرعان ما أثقلت كاهله بطفلين آخرين.
بعد زفرة عميقة، يتحدث عدنان بمرارة: "المرة الوحيدة التي ابتسمت لي فيها الدنيا كانت عندما قبلت إحدى الشركات توظيفي كحارس أمن، على الرغم من ضآلة الراتب، فقد شعرت بسعادة غامرة بهذه الوظيفة، وبدأت العمل بها بعد مرور أشهر قليلة على دفن والدي، وكانت بمثابة طوق النجاة لي ولأسرتي الكبيرة، ولكن بعد فترة وجيزة، أدركت أن الراتب مع الإضافي لا يتجاوز 1600 ريال، وهو مبلغ زهيد لا يكفي لمصروف البيت لأكثر من أسبوع، حيث أنني أدفع 600 ريال شهريًا كإيجار للمنزل الشعبي، وأحاول جاهدًا توزيع بقية الراتب على الالتزامات المتزايدة، ولكن دون جدوى."
يتابع عدنان حديثه قائلًا: "فكرت مليًا وتعمقت في التفكير، فلم أجد أمامي سوى أن أستكمل مسيرة والدي، فأخرجت تلك الصناديق الكرتونية التي كنت أحتفظ بها تحت السرير الوحيد الذي أهلكته الرطوبة، وقررت أن أبدأ على الفور بشراء بعض الخضراوات من سوق الجملة، وبيعها أمام منزلي المتواضع، وعلى الرغم من أنني أمارس البيع والشراء منذ أربع سنوات مضت، إلا أنني لم أستطع تحقيق نصف ما أصبو إليه، فالتزاماتي تجاه أسرتي لا ترحم، والأرباح التي أجنيها بالكاد تكفي لسد الرمق." يصمت عدنان قليلًا، ثم يعود ليسأل بتعجب: "كيف كان والدي يكافح ويعيش طوال هذه السنوات معتمدًا على هذه الأرباح الضئيلة من بيع الخضراوات في تلك الصناديق الكرتونية القديمة؟"
يحرك عدنان وجهه شطر اليمين وشطر اليسار، ثم يضيف: "للأسف الشديد، لا يكفيني العمل لمدة عشرين ساعة في اليوم والليلة، وأتمنى بشدة أن أجد وظيفة ذات راتب أفضل، لكي تساعدني على تحمل مسؤوليات جسيمة لم أكن مخيرًا في تحملها. ويبدو أن انقطاعي عن التعليم بعد المرحلة الثانوية كان السبب وراء عدم حصولي على وظيفة براتب مجز، كم أتمنى لو يعود الزمن بي إلى الوراء لأكمل تعليمي الجامعي." وفجأة، تضيء عيناه وكأنه وجد كنزا ثمينا، ويقول: "سوف أكمل مسيرة كدي وكفاحي، وأتمنى أن أتمكن من افتتاح متجر لبيع الخضراوات والفواكه في أحد الأحياء الحيوية، فما زلت مقتنعًا بمقولة والدي: "إن تسعة أعشار الرزق في التجارة"."